تجاوز الرؤية الاقتصادية للهجرة: نموذج جديد قائم على الاندماج أو إعادة الهجرة
نُشر مقال تيتو بويري في مجلة ECO، العدد 1 لعام 2025، ويتناول واحدة من التناقضات الكبرى في عصرنا: الحاجة المتزايدة إلى العمالة المهاجرة في البلدان المتقدمة اقتصاديًا، وفي الوقت نفسه، المخاوف المتزايدة بين الناخبين الذين يعارضون الهجرة غير المنظمة. ومع ذلك، فإن تحليل بويري يستند إلى نموذج تقليدي يقتصر على اعتبار الهجرة مسألة اقتصادية بحتة. هذه النظرة أصبحت غير كافية اليوم.
لا يمكن التعامل مع مسألة الهجرة من منظور سوق العمل فقط. يجب تنظيم الهجرة وفق مبدأ واضح: إما الاندماج أو إعادة الهجرة. لا شك أن العمل عنصر أساسي في الاندماج، ولكنه ليس العامل الوحيد الذي يجب أن يُعتمد في إدارة الهجرة.
العمل، اللغة، احترام القوانين: نموذج "الاندماج أو إعادة الهجرة"
يتأرجح النقاش العام بين رؤيتين متطرفتين:
- رؤية نفعية تقبل المهاجرين فقط عندما تكون هناك حاجة اقتصادية لهم.
- رؤية أمنية ترى في المهاجرين تهديدًا اقتصاديًا واجتماعيًا.
كلتا الرؤيتين خاطئتان. بدلاً من ذلك، يجب أن تقوم إدارة الهجرة على ثلاثة ركائز أساسية:
- العمل: لضمان الاستقلالية الاقتصادية والمساهمة في المجتمع.
- تعلم اللغة: عنصر أساسي للاندماج والتفاعل مع المجتمع المضيف.
- احترام القوانين: لضمان تماسك المجتمع ومنع النزاعات الاجتماعية.
في غياب هذه العناصر الثلاثة، يمكن أن تؤدي الهجرة إلى العزلة الاجتماعية، والتوترات، وزيادة الهشاشة الاقتصادية. لذلك، يجب أن يكون المبدأ الأساسي هو: إما الاندماج الكامل، أو العودة إلى البلد الأصلي (إعادة الهجرة).
من مبدأ "المنفعة الاقتصادية" إلى "واجب الاندماج"
الخطأ الأساسي في تحليل بويري هو افتراض أن العمل كافٍ لضمان اندماج المهاجرين. ولكن الاندماج لا يحدث تلقائيًا بمجرد حصول الشخص على وظيفة. بدون دعم متكامل، يمكن أن تؤدي الهجرة إلى تفكك اجتماعي، وزيادة المناطق المهمشة، وتصاعد النزاعات.
لهذا السبب، يجب تجاوز رؤية "المنفعة الاقتصادية" للهجرة والانتقال إلى نموذج يقوم على "واجب الاندماج". أي أن كل مهاجر يجب أن:
- يحترم القوانين
- يتعلم لغة البلد المضيف
- يساهم في المجتمع بشكل إيجابي
أما من يرفض الاندماج، فلا يمكنه المطالبة بالبقاء في البلد المضيف.
الخاتمة: نحو سياسة هجرة جديدة
يُعد نهج بويري محدودًا وغير قادر على مواجهة التحديات الحالية. السؤال الحقيقي ليس عدد المهاجرين الذين يجب استقبالهم، بل كيفية دمجهم في المجتمع.
يجب وضع سياسات واضحة تضمن أن كل من يصل إلى بلد جديد يصبح جزءًا حقيقيًا من المجتمع، بدلاً من أن يكون مجرد "يد عاملة" مؤقتة.
يجب أن يكون مبدأ الهجرة قائمًا على "الاندماج أو إعادة الهجرة". من يندمج، يتعلم اللغة، يعمل ويحترم القوانين، يجب أن يُمنح الحق في البقاء. أما من لا يلتزم بهذه القواعد، فعليه العودة إلى بلده الأصلي. هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان التوازن الاجتماعي والعدالة بين المهاجرين والمجتمع المضيف.
المحامي فابيو لوسيربو
مسجل كـ "لوبيست" في مجال الهجرة واللجوء لدى سجل الشفافية في الاتحاد الأوروبي – رقم التسجيل: 280782895721-36