حكم المحكمة في بولونيا رقم R.G. 3260/2024: الإدماج كأساس للحق في الحماية الخاصة
المحامي فابيو لوسيربو
يشكل الحكم الصادر مؤخرًا عن محكمة بولونيا (R.G. 3260/2024) خطوة مهمة في الاجتهاد القضائي المتعلق بالحماية الخاصة. يعترف هذا القرار بحق الحصول على تصريح الإقامة للحماية الخاصة بناءً على مسار الاندماج الاجتماعي والمهني في إيطاليا كعنصر حاسم.
الإدماج كأساس للحماية الخاصة
أكدت المحكمة على مبدأ أساسي: يجب أن يصبح الاندماج النموذج الجديد للهجرة. لا يمكن ربط الحق في البقاء في إيطاليا حصريًا بوجود عقد عمل، بل يجب أن يقوم على ثلاثة ركائز أساسية: العمل، إتقان اللغة، واحترام القوانين. تتجاوز هذه المقاربة المنطق الطارئ وتُدخل رؤية منظمة للهجرة، حيث يكون البقاء على الأراضي الإيطالية مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بقدرة المهاجر على المشاركة الفعالة في النسيج الاجتماعي.
القضية وقرار المحكمة
المُدعي، الذي كان في إيطاليا منذ عام 2020، رُفض طلبه للحصول على تصريح الإقامة للحماية الخاصة من قبل شرطة رافينا، والتي بررت الرفض بعدم تقديم وثائق كافية تثبت مسار إدماجه. ومع ذلك، وبعد فحص القضية، رأت المحكمة أن المُدعي قد طور جذورًا قوية في إيطاليا، حيث أظهرت الأدلة ما يلي:
- نشاط مهني منتظم واستقلال مالي متزايد مع رواتب موثقة ومساهمات في الضمان الاجتماعي.
- إتقان جيد للغة الإيطالية كما هو موضح في حصوله على شهادة B1 ومشاركته في الدورات التعليمية.
- شبكة من العلاقات الاجتماعية والعائلية التي أثبتت اندماجه في المجتمع الإيطالي وفقًا للمعايير المنصوص عليها في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (المادة 8).
مبدأ إعادة الهجرة والحاجة إلى قواعد واضحة
طبقت المحكمة المبادئ التي أرستها محكمة النقض الإيطالية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، مؤكدة أن رفض الطلب سيشكل انتهاكًا للحق في الحياة الخاصة والعائلية، كما هو محمي بموجب المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمادة 19 من قانون الهجرة الإيطالي.
هذا القرار يؤكد أهمية تقييم شامل لمسار الإدماج، والذي لا ينبغي أن يقتصر على المعايير الشكلية، بل يجب أن يأخذ في الاعتبار الاندماج الحقيقي للمهاجر داخل المجتمع.
من ناحية أخرى، لا ينبغي اعتبار الاندماج مجرد خيار، بل التزامًا واضحًا على جميع الأجانب الذين يختارون العيش في إيطاليا. ومن لا يحترم القوانين أو لا يسعى للاندماج، يجب أن يخضع لمبدأ إعادة الهجرة، أي العودة إلى بلده الأصلي في حال عدم الامتثال للمتطلبات الأساسية للاندماج في المجتمع الإيطالي.
نحو سياسة جديدة للهجرة
يمثل حكم محكمة بولونيا نموذجًا لإدارة الهجرة، ويؤكد أن الحماية الخاصة يجب أن تستند إلى معايير موضوعية للإدماج، وليس إلى تقييمات تعسفية أو غير مبررة. لا ينبغي أن يكون الاعتراف بالحماية الخاصة تلقائيًا، ولكنه أيضًا لا يمكن رفضه لمن يثبت أنه بدأ بالفعل عملية إدماج حقيقية.
يجب أن يكون الإدماج هو المعيار الرئيسي لسياسات الهجرة: من يعمل، يتعلم اللغة، ويحترم القوانين يجب أن يكون له الحق في البقاء، في حين أن من لا يندمج يجب أن يُعاد إلى بلده الأصلي، لتجنب استمرار حالات عدم الاستقرار التي تضر بالمهاجرين والمجتمع المضيف على حد سواء.
يؤكد هذا الحكم أن إيطاليا لديها الأدوات القانونية لمكافأة من يندمجون وضمان منح الحماية فقط لمن يساهمون بالفعل في المجتمع. إنه خطوة إلى الأمام نحو إدارة أكثر عدلاً للهجرة، تستند إلى حقوق وواجبات واضحة ومتبادلة.