طالبو الحماية الدولية المحتجزون: بين تعليق المهل، الإجراءات المعجلة، ومفهوم الحالة المزدوجة
بقلم المحامي فابيو لوسيربو
في الحكمين رقم 32763 و32767 بتاريخ 16 ديسمبر 2024، تناولت الدائرة المدنية الأولى بمحكمة التمييز الإيطالية مسألة قانونية مركزية في قانون اللجوء، وهي إدارة الاحتجاز الإداري عندما يقدم الأجنبي المحتجز طلب حماية دولية.
تندرج هذه الأحكام في سياق الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية رقم 212/2023، لكنها تذهب أبعد من ذلك، حيث ترسم رؤية منهجية للعلاقة بين الحالة الشكلية والموضوعية لطالب اللجوء، ولمدد الإجراءات المعجلة، وللمشروعية الدستورية لتدابير الاحتجاز.
1. مشروعية تعليق المهل المتعلقة بالاحتجاز
في الحكم رقم 32763/2024، تفسر المحكمة المادة 6، الفقرة 5، من المرسوم التشريعي رقم 142 لسنة 2015، التي تنص على تعليق مهل الاحتجاز في حال قدم الأجنبي طلب حماية دولية أثناء احتجازه بناءً على قرار سبق أن تم التصديق عليه من قبل قاضي الصلح.
وترى المحكمة أن هذا التعليق لا يُلغي مفعول قرار الاحتجاز، بل تبقى آثاره القانونية سارية بفضل المصادقة القضائية السابقة. وتدعم المحكمة هذا الرأي بالإشارة إلى المادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تجيز تعليق مدد الحبس الاحتياطي دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان مشروعية الإجراء.
وبالتالي، فإن الأساس القانوني لاستمرار الاحتجاز يظل قائماً حتى يتم تسجيل الطلب رسميًا، بشرط أن يصدر قرار جديد بالاحتجاز خلال 48 ساعة من التسجيل ويصادق عليه القاضي خلال 48 ساعة أخرى.
2. التمييز بين طالب اللجوء الأولي والثانوي
تُجري المحكمة تمييزًا هامًا بين طالب اللجوء الأولي، وهو من يقدم الطلب وهو حر، وطالب اللجوء الثانوي، الذي يقدم طلبه أثناء الاحتجاز.
وينعكس هذا التمييز ليس فقط على المستوى الإجرائي، بل أيضًا على مستوى الضمانات والالتزامات المترتبة على الدولة. بالنسبة لطالب اللجوء المحتجز، فإن المادة 8، الفقرة 3، حرف د) من التوجيه الأوروبي 2013/33/UE، تسمح بالاحتجاز إذا توفرت أسباب جدية للاعتقاد بأن الطلب قُدم بهدف تعطيل أو منع تنفيذ الترحيل.
وتوضح المحكمة أن هناك حالة شكلية وأخرى موضوعية لطالب اللجوء: فبمجرد إعلان النية، يحصل الشخص على حماية مبدئية، لكن لا يمكن تفعيل بعض الإجراءات القانونية إلا بعد التسجيل الرسمي للطلب. وتدعو المحكمة إلى توحيد هاتين الحالتين في أقصر وقت ممكن، وفقًا لما تنص عليه المادة 26، الفقرة 2 مكرر، من المرسوم التشريعي رقم 25 لسنة 2008.
3. الإجراءات المعجلة: مهل تنظيمية والحماية الفعالة
في الحكم رقم 32767/2024، تؤكد المحكمة أن المهل المنصوص عليها في المادة 28 مكرر من المرسوم التشريعي رقم 25/2008، والمتعلقة بالإجراءات المعجلة، ليست إلزامية. وبالتالي، فإن تجاوزها لا يؤدي إلى إلغاء قرار الاحتجاز، بل إلى العودة إلى الإجراء العادي، الذي يضمن الحق في الطعن ضمن المدة القانونية مع الأثر الوقفي التلقائي.
ومع ذلك، فإن تجاوز هذه المهل لا يُعتبر غير ذي صلة: إذ يمكن الطعن فيه قضائيًا إذا ثبت أن الإدارة تصرفت بتقصير أو تأخير غير مبرر، ما قد يؤثر على جودة التقييم الإجرائي.
وتؤكد المحكمة أن عدم إخطار المحتجز بتجاوز المهل لا يبطل الاحتجاز، نظرًا لأن المادة 27، الفقرة 3، من المرسوم 25/2008 لا تجعل من الإخطار شرطًا لصحة الإجراء.
4. خلاصة
تسلط هذه الأحكام الضوء على توازن دقيق بين حق الفرد في الحماية الدولية، وحق الدولة في الحفاظ على فعالية نظام اللجوء وعدم استغلاله. كما تؤكد ضرورة السرعة والدقة الإدارية، مع ضمان المراقبة القضائية المستمرة.
وفي الوقت نفسه، توجه المحكمة رسالة واضحة للإدارة بعدم التأخر في تسجيل الطلبات، حتى لا يظل طالب الحماية في منطقة رمادية قانونية، ما قد يهدد حريته ويضعف ضماناته الإجرائية.
المحامي فابيو لوسيربو
محامٍ في بولونيا – مختص في قانون الهجرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق