الحماية التكميلية بعد المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2023: الاستمرارية القضائية وحماية الحياة الخاصة والعائلية في أحدث اجتهادات قضاء الموضوع
الملخص
يتناول هذا البحث قرارًا حديثًا صادرًا عن محكمة عادية، الدائرة المتخصصة في شؤون الهجرة والحماية الدولية وحرية تنقل مواطني الاتحاد الأوروبي، اعترف بحق منح تصريح إقامة للحماية التكميلية وفقًا للمادة 19، الفقرتين 1 و1.1، من المرسوم التشريعي رقم 286 لسنة 1998. وقد صدر القرار في إطار دعوى تنازل فيها طالب الحماية عن أشكال “الحماية الأعلى”، الأمر الذي يتيح قراءة منهجية للنظام القانوني للحماية التكميلية بعد التعديلات التي أدخلها المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2023، المحوَّل إلى القانون رقم 50 لسنة 2023، مع إبراز الدور المحوري للاجتهاد القضائي، ولا سيما اجتهاد محكمة النقض، في إضفاء مضمون عملي على قاعدة تشريعية صيغت عمدًا بصيغة مرنة. النص الكامل للقرار متاح ضمن منشور Calameo على الرابط التالي:
https://www.calameo.com/books/00807977541b94e1f7da1
1. تمهيد
تمثل الحماية التكميلية اليوم إحدى أكثر المسائل دقة في قانون الهجرة الإيطالي، إذ تقع عند تقاطع الحق الدستوري في اللجوء، والالتزامات الدولية التي تعهدت بها الدولة، وخيارات السياسة التشريعية المتعلقة بضبط تدفقات الهجرة. ويأتي القرار محل التعليق في هذا السياق، مقدّمًا إعادة بناء قانونية معلَّلة للإطار التشريعي الساري، ومثالًا عمليًا على التطبيق القضائي للمعايير التي أرستها الاجتهادات القضائية الوطنية وفوق الوطنية.
2. الإطار التشريعي بعد المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2023
تنطلق المحكمة من استعراض دقيق لتطور المادة 19 من النص الموحد للهجرة. فبعد إصلاح عام 2020 الذي قام بتقنين معايير تقييم حماية الحياة الخاصة والعائلية، تدخل المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2023 مجددًا، فألغى بعض أجزاء الفقرة 1.1. غير أن هذا التدخل لم يُفضِ إلى إلغاء حماية الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية للأجنبي، التي لا تزال تجد أساسها في الالتزامات الدستورية والاتفاقية، ولا سيما المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويبرز القرار أن النظام الحالي يفرض على المفسِّر العودة إلى معايير تقييم ذات منشأ قضائي، متجاوزًا مرحلة التقنين التشريعي الصارم التي أدخلت عام 2020. وبهذا المعنى، لا تُفرَّغ الحماية التكميلية من مضمونها، بل تُعاد إلى وظيفتها الأصلية القائمة على الموازنة القضائية.
3. دور اجتهاد محكمة النقض
يكتسب الإحالة إلى اجتهاد محكمة النقض أهمية خاصة، إذ أوضحت هذه الأخيرة أن إصلاح عام 2023 لم يؤدِّ إلى تراجع في حماية الحقوق الأساسية للأجنبي. ويؤكد القرار محل البحث الاتجاه القائل بإمكانية منح الحماية التكميلية عندما يكون التجذر في الإقليم الوطني من القوة بحيث يجعل الإبعاد إجراءً غير متناسب قياسًا إلى المصالح العامة المرجوّة.
وفي هذا الإطار، يشير قاضي الموضوع صراحة إلى مبدأي الموازنة والتناسب، اللذين سبق تطويرهما في مرحلة سابقة ضمن اجتهادات الحماية الإنسانية، بما يؤكد الاستمرارية المنهجية بين المراحل التشريعية المختلفة.
4. تقييم التجذر والحياة الخاصة
يشكّل التقييم الملموس للحياة الخاصة لطالب الحماية جوهر التعليل القضائي. إذ تعتمد المحكمة تحليلًا شموليًا وغير مجزأ لمؤشرات الاندماج، من قبيل مدة الإقامة في إيطاليا، والاستقرار المهني، والاستقلال الاقتصادي، ومعرفة اللغة، والعلاقات الاجتماعية، والقدرة على العيش خارج منظومة الاستقبال.
وتُقرأ هذه العناصر بوصفها دلالة على حياة خاصة مستقرة، لا يجوز المساس بها، في غياب مقتضيات قاهرة تتعلق بالنظام العام أو الأمن العام، بما ينسجم مع المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. كما يُنظر إلى العودة إلى بلد المنشأ لا بصورة مجردة، بل في ضوء الخطر الفعلي المتمثل في الاقتلاع الاجتماعي والإضرار الجسيم بظروف الحياة التي تحققت في إيطاليا.
5. خاتمة
يؤكد القرار أن الحماية التكميلية، حتى بعد المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2023، تظل أداة أساسية لحماية الحقوق الأساسية للأجنبي. إن غياب معايير تشريعية جامدة لا يؤدي إلى فراغ في الحماية، بل يفرض ممارسة قضائية واعية ومسؤولة، تستند إلى المرجعيات الدستورية والاتفاقية والاجتهادية.
وفي هذا الإطار، يندرج القرار ضمن توجه تفسيري قائم على الاستمرارية والعقلانية في النظام القانوني، مؤكدًا أن الاندماج الفعلي والتجذر الاجتماعي ليسا عناصر هامشية، بل يشكلان ركائز أساسية في تقييم مشروعية إبعاد الأجنبي عن الإقليم الوطني.
Avv. Fabio Loscerbo
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق