العنوان:
الهجرة والمسؤولية الأبوية: محكمة العدل الأوروبية تستبعد جريمة المساعدة في الدخول غير القانوني عندما يكون المرافق أحد الوالدين مع أطفاله القُصَّر
المؤلف:
الأستاذ المحامي فابيو لوسيربو
مقدمة
يمثل الحكم الصادر حديثًا عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي (قضية C-460/23 بتاريخ 3 يونيو 2025) تحولًا هامًا في تفسير القوانين الأوروبية المتعلقة بالهجرة غير النظامية والمسؤولية الأبوية. فقد أقرت المحكمة بأن الوالد أو القيم الذي يرافق أطفالًا قاصرين أثناء الدخول غير القانوني إلى إحدى دول الاتحاد لا يمكن اتهامه جنائيًا، باعتبار أن هذا السلوك يندرج ضمن نطاق المسؤولية العائلية ومصلحة الطفل الفضلى.
القضية
تعود القضية إلى دعوى جنائية في إيطاليا ضد سيدة من جمهورية الكونغو، أوقِفت في مطار بولونيا أثناء محاولتها دخول الأراضي الإيطالية برفقة ابنتها وابنة أختها القاصرتين باستخدام وثائق مزورة. وقد اتهمتها النيابة العامة بجريمة تسهيل الهجرة غير الشرعية. غير أن المحكمة الإيطالية أوقفت الإجراءات وأحالت القضية إلى محكمة العدل الأوروبية طالبة تفسيرًا بشأن تطبيق التوجيه الأوروبي رقم 2002/90/CE وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.
مبدأ المحكمة
أكدت المحكمة أن مرافقة الأبناء القُصَّر من قِبَل والدهم أو قيمهم لا تُعدّ جريمة مساعدة على الدخول غير القانوني بموجب القانون الأوروبي. وأن معاقبة هذا التصرف تُعد انتهاكًا:
-
لحق احترام الحياة الأسرية (المادة 7 من الميثاق)،
-
ولمبدأ مصلحة الطفل الفضلى (المادة 24)،
-
ولحق طلب اللجوء (المادة 18).
كما شددت المحكمة على أن الشخص الذي قدم طلبًا للحصول على الحماية الدولية لا يمكن اعتباره في وضع غير قانوني حتى صدور قرار رفض نهائي في الدرجة الأولى.
الآثار القانونية على القوانين الوطنية
يُعدّ هذا الحكم ملزمًا لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وبالتالي، فإن أي قانون وطني يعاقب على تصرفات من هذا النوع – دون مراعاة العلاقة الأسرية أو حالة القاصر – يجب ألا يُطبَّق. ويُحتّم هذا الحكم اعتماد تفسير للقوانين الجنائية بما يتماشى مع الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية.
الآثار العملية
يشكّل هذا الحكم مرجعًا هامًا للقضاة والمحامين والجهات المعنية، ويؤكد ما يلي:
-
لا يجوز تجريم الوالد أو القيم لمجرد مرافقته لقاصر في بحثه عن الأمان،
-
يجب على الدول الأعضاء اعتماد نهج إنساني يحترم الحقوق الأساسية،
-
تسمو قواعد القانون الأوروبي على التشريعات الوطنية المخالفة لمبادئه الجوهرية.
خاتمة
يُعدّ هذا الحكم نموذجًا إيجابيًا لتدخل القانون الأوروبي كحاجز ضد الممارسات القمعية في مجال الهجرة. فالعائلة التي تبحث عن الحماية لا يجب أن تُجرَّم. إنها رسالة واضحة، قوية، ومدعومة بأساس قانوني متين.
المصادر:
-
Mister Lex – الهجرة غير النظامية، لا تُعدّ مرافقة الأطفال القُصَّر جريمة:
https://www.misterlex.it/corte-giustizia-ue/2025/c-460-23/?utm_source=chatgpt.com -
Il Dubbio – مهاجرون، محكمة الاتحاد الأوروبي: "لا جريمة على الوالد الذي يدخل أوروبا بشكل غير قانوني برفقة أطفاله القصر":
https://www.ildubbio.news/giustizia/migranti-la-corte-ue-nessun-reato-per-il-genitore-che-entra-illegalmente-in-europa-accompagnando-figli-minori-c7tcyrfz
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق