العنوان:
الحصول على الجنسية بالولادة في إيطاليا: عندما تكون الإرادة المعلنة أهم من الشكل – تعليق على حكم المحكمة الابتدائية في بريشيا، رقم القضية 4260/2023، الحكم رقم 2325/2025
1. المقدمة
بموجب الحكم رقم 2325/2025، الصادر بتاريخ 4 يونيو 2025 في إطار القضية رقم 4260/2023، اعترفت المحكمة الابتدائية في بريشيا – الدائرة المختصة بقضايا الهجرة – بحق مواطنة مولودة في إيطاليا من والدين أجنبيين في الحصول على الجنسية الإيطالية، بعد التحقق من استيفاء الشروط المنصوص عليها في المادة 4، الفقرة 2 من القانون رقم 91/1992. يُعد هذا القرار القضائي مثالًا مهمًا على المقاربة الموضوعية في تقييم الإقامة القانونية وتجاوز العقبات الشكلية التي تعرقل غالبًا التمتع الفعلي بالحق من قبل المولودين والمقيمين في إيطاليا.
2. الوقائع: تقديم الطلب وتقاعس الإدارة
المعنية، المولودة في إيطاليا عام 1993 والمقيمة على الدوام في البلاد، قدمت في 11 مايو 2012 إلى بلدية "دالميني" إعلانًا برغبتها في الحصول على الجنسية الإيطالية عقب بلوغها سن الرشد. إلا أن هذا الطلب لم يُسجل رسميًا ولم يُتابَع من قبل الإدارة، التي لم تعلن سوى في عام 2023 – بعد طلب قانوني – أن الإعلان لم يتم "بالشكل المطلوب".
واعتبرت المحكمة أن سلوك البلدية يمثل إخلالًا بواجب المشاركة الإجرائية، إذ كان من واجبها التواصل مع المعنية وطلب استكمال أي نواقص، لا أن تترك الطلب دون رد لأكثر من عشر سنوات.
3. الشروط القانونية ومبدأ الجوهر
تنص المادة 4، الفقرة 2، من القانون رقم 91/1992 على أن الأجنبي المولود في إيطاليا يصبح مواطنًا إيطاليًا إذا:
-
أقام إقامة قانونية دون انقطاع حتى سن البلوغ؛
-
وصرح، خلال سنة من بلوغه الثامنة عشرة، برغبته في الحصول على الجنسية.
وأوضحت المحكمة أن جميع الشروط الموضوعية قد تحققت في القضية: فالمعنية كانت دائمًا مقيمة في إيطاليا، ومسجلة في السجلات السكانية منذ الولادة، وتمتلك جميع الوثائق التي تثبت استمرار تواجدها على الأراضي الإيطالية (شهادات دراسية، طبية، تصاريح إقامة الوالدة، إلخ).
وأشارت المحكمة إلى أن الشكل غير الرسمي للإعلان لا يبطله قانونًا، طالما أنه تم تقديمه فعليًا للإدارة المختصة. وبالتالي، لا يمكن تحميل المعنية مسؤولية الخطأ، بل تقع المسؤولية على تقاعس الإدارة العامة.
4. السوابق القضائية والتنظيمات التفسيرية
استشهدت المحكمة بالسوابق القضائية المستقرة (منها: محكمة النقض رقم 7322/2019 وأحكام محاكم الدرجة الأولى) التي تقر بمنح الجنسية حتى في حالات القصور الشكلي، إذا لم يكن ذلك القصور ناتجًا عن صاحب الطلب.
كما استندت المحكمة إلى التعميم الوزاري رقم 22/2007 الذي يؤكد أن القصور الإداري لا يمكن تحميله للقاصر، وإلى المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 69/2013 التي تنص على أنه يمكن إثبات الاستيفاء الفعلي للشروط بـ"أي وثائق مناسبة"، حتى في حال وجود تقصير من الإدارة أو أولياء الأمور.
5. منطوق الحكم والإلزام بتحمل المصاريف
أقرت المحكمة الطلب، وأعلنت أن المعنية مواطنة إيطالية، وأمرت مكتب الأحوال المدنية المختص بتسجيل الواقعة في السجلات الرسمية وإجراء الاتصالات اللازمة. كما قضت بإلزام وزارة الداخلية بدفع مصاريف الدعوى، بمبلغ قدره 1000 يورو، مضافًا إليه الضرائب والمصاريف القانونية الأخرى.
6. الخاتمة
يمثل هذا الحكم مثالًا واضحًا على تطبيق مبدأ فعالية الحقوق. فقد أكدت المحكمة أن الحق في الجنسية لا يمكن أن يُعطل لأسباب شكلية بحتة، لا سيما حين يكون تقاعس الإدارة هو السبب في عدم استكمال الإجراءات. وتعكس هذه المقاربة احترامًا ليس فقط للشرعية الموضوعية، بل أيضًا لكرامة واندماج الأفراد المولودين في إيطاليا والذين نشأوا فيها.
المحامي فابيو لوسيربو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق