العنوان:
حماية استقرار الأجنبي ومنحه تصريح الإقامة لأسباب الحماية الخاصة: تعليق على حكم محكمة بولونيا – رقم التسجيل العام 5453/2023 – بتاريخ 16 أبريل 2025
مقال بقلم المحامي فابيو لوسيربو
يمثل الحكم الصادر في 16 أبريل 2025 عن محكمة بولونيا (رقم التسجيل العام 5453/2023) مثالًا دقيقًا لتطبيق سليم ومتسق للتشريع المتعلق بالحماية الخاصة بموجب المادة 19 من قانون الهجرة الموحد، في نسخته السارية قبل المرسوم التشريعي رقم 20/2023، وذلك في حالة اتسمت بتكامل قوي للمُدعي في المجتمع الإيطالي على المستوى الشخصي والمهني والعائلي.
قدم المُدعي، وهو مواطن مغربي مقيم في إيطاليا منذ عام 2021، طعنًا ضد قرار محافظة بولونيا الذي رفض طلب تجديد تصريح الإقامة لأسباب الحماية الخاصة. وقد تم إشعار هذا الرفض بعد فترة انتظار طويلة، تمكن خلالها المُدعي من تعزيز مسار اندماجه بشكل كبير داخل المجتمع الإيطالي.
قامت المحكمة بتقييم الوقائع والحالة القانونية بدقة شديدة. وخلال الاستماع الشخصي للمُدعي، تم التأكيد على استقراره المهني من خلال عقد عمل دائم، ودخل ثابت، وتعلم اللغة الإيطالية، ومشاركته في الحياة الاجتماعية من خلال الأنشطة الرياضية. كما أولى القضاة اهتمامًا خاصًا بالروابط العائلية المستقرة، خاصة مع والده وأخته وأفراد الأسرة الآخرين الذين كان يعيش معهم ويتقاسم معهم مصاريف السكن، بالإضافة إلى دعمه المالي لأقاربه في بلده الأصلي.
من الناحية القانونية، أكدت المحكمة تطبيق النسخة القديمة من المادة 19، الفقرة 1.1، من قانون الهجرة الموحد، وأشارت إلى أحكام محكمة النقض والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي شددت على ضرورة الموازنة الجادة بين المصلحة العامة في الإبعاد والمصلحة الشخصية للفرد في الحفاظ على جذوره الاجتماعية والعائلية، كما يقتضي ذلك الحق في الحياة الخاصة والعائلية المنصوص عليه في المادة 8 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقد أبرزت المحكمة أن النشاط المهني والاستقرار السكني يمثلان عناصر أساسية في الحق في الحياة الخاصة، وأن فقدان هذا الاستقرار كان سيؤدي إلى انتهاك خطير لحقوق المُدعي الأساسية، خاصةً في ظل عدم وجود أي مبرر مشروع يتعلق بالأمن العام أو الصحة العامة لتبرير الإبعاد.
واختتمت المحكمة حكمها بمنح المُدعي تصريح إقامة لأسباب الحماية الخاصة لمدة سنتين، قابلة للتجديد وقابلة للتحويل إلى تصريح عمل، مشيرة صراحة إلى تطبيق الإطار القانوني السابق للمرسوم المعروف باسم "مرسوم كوترو"، ومعترفة بالحق الذاتي للمُدعي في البقاء على الأراضي الإيطالية.
يأتي هذا الحكم ضمن تيار من الاجتهاد القضائي الذي بات أكثر اتساقًا في الاعتراف بأن الحماية الخاصة ليست استثناءً، بل هي أداة عادية لحماية مبدأ الكرامة الإنسانية والتضامن الذي يشكل حجر الأساس في النظام القانوني الإيطالي، خاصةً عندما يتعلق الأمر بهوية وكرامة ومسار حياة من بنى مستقبله في إيطاليا.
المحامي فابيو لوسيربو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق